السبت، 4 يونيو 2011

الذاكرة العجوز ,,!





كتبت اسمك في الزاوية ، حيث نحتفظ دائماً بتلك الأشياء الثمينة التي لا نرغب بأن نريها الآخرين لكي لا يحسدونا عليها ولنجدها بسهولة , أو تلك الأشياء المركونة للنسيان لتساعدنا العناكب الرقيقة بلفها برفق مشوه , كتبتك في زاوية دفتري الأسود ... و اكملنا حكاية।
وجاء اليوم الذي وضعت فيه دفتري على ذاك الرف المهترأ داخل ذاك الكوخ الخشبي للذاكرة , كان علي أن اركنك هناك و أنا ألعن واشتم و اشهق كل اللحظات الجميلة والكلمات الحريرية و الأماني التي أوصلتني للسماء .
أخ من يقول إن الإنسان ينسى,, ياسيدي النسيان أنت كذبة كبيرة اخترعوك ليعيشوا ! كبقية الأشياء التي يتفننون ليلقوا عليها خطاياهم و يستمروا في الحياة , نحن لا ننسى .. نحن نعيش جبراً ,نتجرع النفس خلف الأخر ليمضي اليوم بعد الثاني , و العام بعد العام .. و نظن إننا نسينا .
وفجأة من حيث لا نعلم .. يطلون من أبواب الذاكرة , يبتسمون أو يبكون أو على أحب هيئة عهدناهم بها و تشبثت في اللاوعي , يطلون من خلال أغنية , اسم مشابه , رائحة ما ...
ومابالي الآن اتذكر ولا شيء حولي يذكرني باسم الزاوية و الدفتر والرف العتيق ,, أجلس الآن .. في مقهاي الذي اكتشفته من شهر و أحببته رغم فقده لامتيازات معينة ولكني ألفته , أخ من رائحة الرف اللعين .. اشعر إن مسامي تستنشقه ,أذكر إني وضعت جبهتي عليه وشهقتك .. شهقت بساطة أحلامي و طهارة أفكاري و حبي لابتسامة عينيك والهدوء في صوتك , أأخبرتك يوماً إني أعجبت بالممثل العادي ... لأن له نفس هدوء صوتك وثقة حضورك , اذكر إنك غرت منه , وخبثاً لم أخبرك بسر إعجابي به .. شهقت أول غفراني لأول خيباتك و أخر خيباتي للأف من غفراني.. اممم التفاصيل الغبية تنهل علي الآن والرائحة تزداد وانا اقترب من سطح طاولة المقهى في حركة بائسة لإزالة الصداع المفاجئ .. يطرق النادل وابن صاحب المكان الطاولة برفق لينبهني لوجوده ,
- من أين استوردتم اثاثكم المميز بعتقه ؟ رغم حداثة المكان ؟
- في الأمر غرابة .. احترق كوخاً كان قد ابتاعه أبي من أحد المهاجرين الذين عادوا لأوطانهم .. و تمت إعادة تصنيع الأخشاب الجيدة فيه وكانت لها قيمتها .
تشد ابنتي يدي .. لتقطع حبل الدهشة , و لتنبهني إنها تحتاج لماء .. و أنا احتاج إلى دمعة ساخرة بحجم المحيط , أريد أن اضحك على الأقدار و النسيان اللعين الذي يدعي إنه طالني , نحن لا ننسى ياسيدتي الذاكرة العجوز .. نتجرع النفس بعد النفس ليمر اليوم بعد اليوم .. و نعيش ,!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق