الثلاثاء، 24 أغسطس 2010

الجامعات الإسلامية .. و هدم الإسلام

للكاتب : ناصر


على مدى الثلاثة عشر قرن الماضية، كان علماء الأمة يتلقون تعليمهم الديني على أيدي كبار مشائخ الجيل الذي يسبقهم، و يلازمون أساتذتهم عقود طويلة، يتعلمون منهم أصول الشريعة و الفِقه، نظريا و تطبيقيا. و بعد عشرات السنين يحصلون على تزكية أولائك العلماء. ويتواتر العلم الشرعي. و نجد أن هؤلاء الطلاب دائما ما يضحون بكل شئ في سبيل ذلك العلم, و لا تقوم لهم قائمة إلا في السنوات الأخيرة من عمرهم. فينيرون الكون بعلمهم و زهدهم كما أنارة من كان قبلهم.



ومن الملفت للنظر, أنه في آخر عصور هذا النوع من العلماء, الذين منهم الشيخ الألباني و إبن باز رحمهم الله, كُنا لا نسمع صوتا ولا همسا للمتأشيخون الذين يحملون شهادة الكتوراه في الشريعة أو الفِقه, و السبب واضح جدا وهو بكلمة واحدة من رجال الدين الشرفاء, ستذهب شهاداتهم هباء منثورا, و لذلك كنا لا نرى ولا نسمع بمن يدع الدكتور الشيخ أو البرفيسور الشيخ في ذلك الوقت.

تحويل العلوم الإسلامية للمنهج العلمي و النظام الأكاديمي سبب الكوارث التي تصيب الأمة اليوم. فالجامعات الإسلامية و سأستشهد هنا بمثال جامعة الإمام محمد بن سعود, تفتح أبوابها لخريجي المرحلة الثانوية الذين لم ينجحوا في الحصول على أي قبول في الجامعات و المعاهد التقنية, بل إن نسبة القبول في أقسام الشريعة و الدعوة و الفِقه هي ما بين 60% - 70%. و الله وحدة يعلم عن شخصيات أولائك الطلبه المتدهورين علميا. و بعد أعوام يتم تخريج هؤلاء الطلاب و منحهم لقب الشيخ, و من حظي منهم بواسطة أو لسان معسول فسينتقل للدراسات العليا, و خلال 8 أو 9 سنوات سيخرج لنا شخص أسمه الدكتور الشيخ فلان.

أغلب أو 99% من حملة شهادة الدكتور الشيخ, لم نسع بهم من قبل أن يحصلوا على هذه الشهادة التي فتحت لهم أبواب الشهرة. ولا أحد يعلم ماضيهم أو يزكيهم لملازمتهم له. و الغريب أن شخص يحمل درجة الدكتوراه في المعنى الأكاديمي أي أنه حصر نفسه في تخصص دقيق جدا, أما شهادة الدكتور الشيخ فهي عكس المنهج الاكاديمي و تعني أنه شخص ألم بالدين من أوسع أبوابه, فنجدهم يتعلقون بالمنابر و يلاحقون الشهرة و أصحاب النفوذ و الإعلام. و تنحصر حياتهم في الفتاوي و المحاظرات الدينية المكررة. فأين ذهبت تخصصاتهم الدقيقة. الله وحدة يعلم.

بعد تشبعهم من الشهرة و المال, بدأو بإصدار الفتوى العجيبة الغريبة, التي لم يتحدث فيها علماء الأمة الذين قضو 30 او 40 عام من حياتهم في طلب العلم الشرعي. فل يعني هذا أنه الدكتور الشيخ فلان أفهم و أعلم من الفقير إلى الله الشيخ الالباني, أو عبدالرزاق عفيفي, أو إبن باز أو إبن جبرين؟!! بالرغم من أمية بعض هؤلاء العلماء رحمه الله إلا أنهم في التخاطب و الرزانة و الحكمة أفضل بآلاف المرات من جيل الدكتور الشيخ. لم نسمع أحدهم يسب أو يلعن بغضب أو يتفلسف فيما ليس له به علم, ولم يكونوا يترددون في قول لا أعلم. ولم يكونوا متكبرين متزمتين ينظرون للناس على أنهم أدنى خِلقه. و يعلم مدى تكبرهم و غرورهم من درس في الجامعات الإسلامية على أيديهم فلهم هناك وجه آخر غير الذي يظهرون به على الشاشات و المنابر.

ولا أستغرب في المستقبل القريب من أن يقوم حملة شهادة الأستاذ الدكتور الشيخ بتحليل الخمر و لحم الخنزير لفوائدها الصحية المثبته علميا أو تسميتها بغير أسمائها كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

لكن السؤال الذي يحيرني أليس من حق الإسلام أن تقنن هذه الجامعات و يصبح القبول فيها للصفوة و بتزكيات و تحري قانوني عن ماضي المتقدمين للتسجيل بها؟؟ بدلا من تركها لكل من هب و دب!!


/



يُكمل

أولا: ماذا قدمت تلك الجامعات الإسلامية للإسلام و المجتمع؟!!




في مجال الدعوة مثلا, لاشئ فالدعاة كلهم يتخرجون بلغة واحدة و هي العربية, و يتشبثون بالمنابر بحجه دعوة الشباب المسلم. و أكبر دليل على فشل هذه الجامعات و رسالتها الكاذبه, حينما ظهرت الصور المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم, أين هم عمداء و برفسورات تلك الجامعات و خريجيها من الرد و التحاور, كلهم مثل الأطرش في الزفه. كليات الدعوة يجب أن تكون مقسمه بحسب اللغات و بها مناهج علمية في النقاش و الحوار. و الأعجب أن هذه الكليات تحارب كل نتاج علم النفس و الإجتماع و المنطق في الحوار, و من أعجب ما سمعت رسالة دكتوراة بعنوان ( البرمجة العصبية طاغوت العصر) قاتل الله كاتبها و مشجعها, هل أصبح تحفيز الفرد للتغلب على معوقاته النفسية و الإجتماعية طاغوت و حرام, تدعي صاحبة الرسالة بأن البرمجة العصبية نوع من أنواع التوكل على غير الله و أنها شرك. فكل من يقرأ و يعتقد بالبرمجة العصبية بناء على ذلك مُشرك, و قد تمت مصادقة الرسالة من كبار نوعية الأستاذ دكتور شيخ, و طُبعت في كتاب.

و النوعية الأخرى من هؤلاء الدعاة الوهميون من يخرج شهر أو شهرين لأوروبا أو أمريكا بصحبة مترجم و يعود لنا و يدعي أنه هناك أسلم على يديه أحد القساوسه؟! و تتعالى صيحات التكبير و الهتافات. بلا دليل ولا برهان.

نحن شعوب خُللت عقولها في الجهل, و بلهاء لدرجة أننا نظن أن كل ما يُلحق بكلمة إسلامي, هو الإسلام و إنتصار ديني, و أنا أستخدم هنا كلمة (الظن) بدلا من الإعتقاد لان من يعتقد أن كل ما يطلق عليه إسلامي من الإسلام فقد ظل ظلال بعيدا, و مخاطبته كمحاولة إعادة إبليس للجنه, و أعلم أن الأغلبية في مجتمعاتنا للأسف تعتقد ولا تظن.

ثانيا و الأهم: أخذنا من الغرب المنهج العلمي الاكاديمي, و طبقناه على ديننا و شريعتنا فإنهارت في أيدينا, و فيما تنطلق فتاوي تحريم التشبه بالكفار و المشركين, نجد تلك الجامعات تشبهت بالكفار في تحويل الدين إلى منهج علمي و شهادات باطلة, لأشخاص لا سيرة لهم غير تلك الشهادات, ضحك علينا الغرب بها. النصارى حافضوا على شريعتهم و تواترها, ولا توجد اي جامعة نصرانية في العالم تخرج قساوسه, لانهم يعرفون بأن رجل الدين أكبر من أن تُهذب أخلاقه في جامعة, و إستمروا على منهج التواتر و السيرة الحسنة للشخص و مدة خدمته لدينه. فيما فرطنا نحن في ذلك.

بالله عليكم بعد هذا كيف لنا أن نرفع رؤوسنا بالإسلام المُصنع في أروقه الجامعات.

ثالثا: ماذا عن نتاج تلك الجامعات في ما يخص شؤون المجتمع المسلم المتحضر, في الحقيقة لم أسمع بدور لتلك الجامعات البته في ذلك, و أتسأل ماهو نوع تلك الداراسات و البحوث لدرجة الماجستير و الدكتوراة, و كل شؤؤون الدين تُناقش في رسائل علمية على شاكله ( أيهما أكثر بركة شرب الحليب من الضرع أو في أنية؟ و تمت الدراسة بنوع إستفتاء عدد من المشائخ الذين قاموا بالإستخارة في أحد الامرين لمدة شهر) هل هذا هو المنهج العملي المطلوب لتطوير الإسلام, و بما أننا لازلنا نعتمد في شريعتنا و أمور حياتنا على نتاج الأئمة الاربعة, و مازلنا نتبع فتاويهم و مناهجهم, فما فائدة تلك الجامعات في الأساس؟!!

هناك تعليق واحد: